الدكتور محمد بشير شعارنا التنمية والوفاء .. والعمل البلدي مسؤولية تنموية والنزاهة شرط أساسي للترشح

مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والاختيارية، يعود النقاش حول دور المجالس المحلية في خدمة الناس وتنمية القرى والمدن، في وقت لا تزال فيه البلاد ترزح تحت أعباء اقتصادية واجتماعية خانقة. هذه الانتخابات المنتظرة ليست فقط استحقاقًا إداريًا، بل استحقاقًا وطنيا يُعلّق عليه اللبنانيون آمالًا كبيرة لإعادة تفعيل مجالسهم المحلية، وتعزيز العمل الإنمائي والخدماتي في ظل واقع معيشي ضاغط.

وفي هذا الإطار، حلّ مسؤول ملف العمل البلدي المركزي في حزب الله الدكتور محمد بشير ضيفًا عبر شاشة قناة "المنار" مع الاعلامي محمد نسر، ضمن برنامج "الخط الساخن"، حيث طرح رؤيته للعمل البلدي في المرحلة المقبلة، مؤكدًا على أهمية هذا الاستحقاق كفرصة لإعادة تفعيل العمل المحلي، واستعادة دور البلديات في صلب التنمية والخدمة العامة.

وعن طبيعة عمل الملف، أوضح بشير أنه يواصل جهوده في تمكين المجالس البلدية وتطوير أدائها، من خلال إعداد ورش تدريبية شاملة في مختلف المجالات التي تُعنى بها البلديات. ويسعى الملف إلى إرساء نظام تخطيطي استراتيجي فعال، يضمن أداءً بلديًا عالي الجودة. وقال: "يقوم الملف بتدريب أعضاء المجالس البلدية على القوانين المحلية والإدارية التي تحكم عملهم، وتعمل على تعزيز مهاراتهم لضمان تقديم أفضل النتائج للمجتمع المحلي".

وأشار بشير الى أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان منذ العام 2019، بادر الملف إلى البحث عن مصادر تمويل للبلديات، وتمكنت من تنفيذ عدد من المشاريع الصغيرة، مثل حفر الآبار، تركيب الطاقة الشمسية، وتحسين إدارة النفايات.

في سياق الاستحقاق الوطني والانتخابات البلدية، أكد الدكتور بشير استمرار التحالف بين حزب الله وحركة أمل، القائم على التفاهم حول لوائح انتخابية مشتركة، وقال:"هذا التحالف، المُمتدّ منذ انتخابات عام ٢٠١٠، جُدّد في العام ٢٠١٦، وحالياً في العام ٢٠٢٥، يستند إلى مبدأ الشراكة والتفاهم بين سماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله (رض) والأستاذ الأخ نبيه بري". ولفت إلى أن الهدف من هذا التعاون هو الوصول إلى مجالس بلدية كفوءة ونزيهة، تحظى بثقة الناس وتُسهم في التنمية المحلية. كما ولفت  إلى أهمية العمل على فض النزاعات المحلية والإشكالات التي قد تعيق العملية الانتخابية.

وفي ضوء الحرب الإسرائيلية على لبنان وما خلّفته من دمار في القرى الأمامية، شدّد بشير على أهمية الدفع باتجاه التزكية في الانتخابات، معتبرًا أن هذه الخطوة تُخفف من الطابع الحزبي، وتُسهّل تشكيل لوائح بلدية متجانسة ومدعومة من العائلات المحلية. وأوضح أن بند التزكية موجود أصلًا ضمن اتفاق التحالف بين حزب الله وحركة أمل، إلا أن الظرف الراهن يفرض التشديد عليه. كما أشار إلى أن بعض البلدات لن تُجرى فيها الانتخابات بسبب الدمار الكبير الذي خلّفه العدوان الاسرائيلي، داعيًا إلى التعاون الأهلي لتشكيل لوائح توافقية.

وفيما يخص تحديات البلديات في ظل الأزمة الاقتصادية وكورونا، قسّم الدكتور بشير مرحلة عمل المجالس البلدية إلى مرحلتين. المرحلة الاولى الممتدة من 2016 إلى 2019، حيث كانت الأوضاع الاقتصادية مستقرة نسبيًا، وسمحت عائدات الصندوق البلدي المستقل بتمويل مشاريع تنموية. والمرحلة الثانية من 2019 حتى يومنا هذا، مؤكداً أن هذه المرحلة شهدت  تدهورًا اقتصاديًا حادًا، وانهيارًا في قيمة العملة المحلية، بالإضافة إلى جائحة كورونا التي فاقمت الأوضاع. وقال:"رغم ذلك، لعبت البلديات دورًا حاسمًا في الحد من انتشار الوباء، وكان أداؤها يُدرّس."

وفي هذا السياق، أشاد بدور حزب الله، معتبرًا أنه كان القوة التنظيمية الوحيدة التي واجهت الأزمة بفعالية، مُستذكرًا خطاب الأمين العام الشهيد السيد حسن نصرالله الذي بثّ الأمل وسط الأوضاع المأساوية، واستنهض كل التشكيلات والجهات المتطوعة لمواجهة الوباء، بعد أن وصفه الشهيد السيد حسن نصرالله بالعدو الشرس ودعى إلى مواجهته.

وعن شعار حزب الله وحركة أمل في الانتخابات البلدية والاختيارية "التنمية والوفاء" الذي تعتمده في لوائحها، أوضح بشير أن الشعار يحمل معاني عميقة، بالوفاء للأهالي الصامدين والشهداء، وللقيادات التي رسّخت نهج المقاومة، والتنمية باعتبار العمل البلدي ليس سياسيًا بل تنمويًا، ومسؤولية المجالس البلدية هي تحسين حياة الناس، لا تمثيل الأحزاب. ولفت إلى أن الشعار ينسجم مع شعار "إنا على العهد"، ويعكس رؤية التحالف في تكوين مجالس بلدية قادرة على خدمة الناس.

وفيما يتعلق بالمنافسين السياسيين، شدّد بشير على أن الانتخابات ليست معركة سياسية، بل مناسبة لتشكيل مجالس كفوءة ونزيهة وقادرة. وأكد أن المنافسين ليسوا خصومًا، بل من أهل البلد، مؤكدًا حرصه على خدمة الجميع، ودعى إلى تكثيف المشاركة في الانتخابات البلدية، دعمًا للوائح الثنائي الشيعي، وتحقيقًا لأفضل تمثيل بلدي ممكن.

وعن حضور ملف العمل البلدي في دعم البلديات خلال مرحلة الأزمة المالية الخانقة، لفت بشير إلى أنه بعد العام 2019، ومع ازدياد سوء الاوضاع قدم الملف عددًا كبيرًا من المشاريع التي ساعدت البلديات على أداء دورها وتقديم الخدمات للمواطنين بحسب الحاجات والأولويات. ومن بين هذه المساعدات، أشار بشير إلى مساهمة الملف في حفر الآبار الارتوازية في عدد كبير من القرى، وإنشاء محطات طاقة شمسية لاستخراج المياه وتوصيلها إلى المواطنين.

كما كشف عن أن الملف قدّم مساهمة كبيرة تمثلت بتوفير مادة المازوت "الذي يُعد عصب الحياة"، لعدد كبير من البلديات والمؤسسات، استجابةً لنداء الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله الذي دعا إلى توزيع المازوت بحسب الأولويات، وقال: "هذه النظرة والروح الإنسانية، بغضّ النظر عن الانتماءات، موجودة لدى سماحة السيد وقيادة حزب الله، أكثر من أي تنظيم آخر".

وعن طبيعة العلاقة بين ملف العمل البلدي والبلديات، لفت بشير إلى أن الملف يعتبر نفسه مرجعية في مجال التمكين، حيث تأخذ بيد المجالس البلدية لوضع الخطط الإنمائية، انطلاقًا من تحديد الاحتياجات والأولويات، وصولًا إلى الإجراءات التنفيذية. وأضاف: "نحن كملف العمل البلدي نرتبط بالمجالس البلدية من ناحية استراتيجية، وهي التخطيط"، مشددًا على امتلاك الملف خبرة كبيرة في هذا المجال، انسجامًا مع توجيهات الامين العام لحزب الله الشهيد السيد هاشم صفي الدين الذي كان يؤكد على عدم وضع أي خطة لا تهدف إلى تلبية حاجات الناس.

وفي حديثه عن التحديات، أوضح بشير أن العائق الأساسي الذي يواجه البلديات هو العائق المالي، باعتباره "عصب عمل البلديات" خصوصًا في ظل الأزمة الحالية، معتبرًا أن قانون البلديات، رغم الحاجة إلى تطويره، يبقى قانونًا جيدًا يسمح للبلديات بأداء دورها بفعالية.

وبالعودة إلى أماكن الانتخاب في القرى المدمرة نتيجة العدوان الاسرائيلي، أكد بشير بأن "الانتخابات يجب أن تُجرى في نفس القرى التي تجري فيها الانتخابات، لكن بسبب بعض العوائق اللوجستية والأمنية كذلك ربما تمنع إقامة الانتخابات في نفس البلدة أو القرية".

واختتم الدكتور بشير كلامه ضمن الحلقة التلفزيونية بالتأكيد على المعايير الأساسية التي ينبغي أن تتوفر في المرشحين للانتخابات البلدية، مشددًا على الركائز الأساسية المتمثلة بالنزاهة والكفاءة، والمقبولية لدى الناس. ولفت إلى أن النزاهة والكفاءة، بالنسبة لحزب الله، ليستا مجرد صفات مرغوبة بل شرط حاسم، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال ترشيح أي شخص تحوم حوله شبهات أو يتمتع بسمعة غير جيدة، مؤكدًا أن الحفاظ على صورة المجالس البلدية يبدأ من اختيار الأشخاص القادرين على خدمة أهلهم بصدق وكفاءة.